دكتورة إيمان سلامة تكتب: دكتورة «لفتية السبع».. رائدة محو الأمية الصحية في مصر

دكتورة إيمان سلامة
دكتورة إيمان سلامة

في مختلف المجالات تكون هناك علامات فارقة لشخصيات أثرت بالإيجاب وكان لها بصمة واضحة ، في مجال أعمالهم، من هذه الشخصيات رائدة في مجال الطب والإعلام معا، اتخذت الطريق الصعب لرفع الوعي الصحي لدى المواطن فى مختلف أنحاء مصر، فكانت رائدة في مجال الإعلام الصحي، ولها إسهاماتها الكبيرة في نشر الوعي بين المواطنين..
هي الدكتورة «لفتية السبع» مؤسس البرامج الصحية فى التليفزيون العربي، وأستاذ أمرض النساء والتوليد ورائدة الإعلام الصحي ببرامج طبيب العيلة مع الافتتاح الرسمي للتليفزيون، ثم برامج المجلة الصحية، وخمسه لصحتك والإسعافات الأولية .. كما كانت الأولى على القطر المصري في الشهادة التوجيهية.
والدكتورة لفتية السبع وُلدت في مايو 1935 في محافظة الغربية، وكانت أصغر أخواتها الخمس، التحقت بمدرسة المحلة الإبتدائية ، وأظهرت تفوقا كبيرا مما شجع والدها لتكمل تعليمها، فكانت الوحيدة بين أخواتها البنات التي تكمل تعليمها بعد شهادة التعليم الأساسي حيث أكتفت أخواتها بهذا القدر من التعليم وفضلن الزواج.
ولأهمية دورها في مجال الإعلام الصحي، أفرد لها «كتاب صنايعية مصر» الجزء الثاني للكاتب عمر طاهر جزءا كبيرا ساردا فيها قصة الدكتورة لفتيّة السبع ودورها في المجال الطبي والإعلامي، تحت عنوان «صنايعية محو الأمية الصحية في مصر».
يذكر الكتاب مقابلة دكتورة لفتيّة مع وزير الإرشاد آنذاك عبد القادر حاتم، الذي حضر بنفسه اختبارات المتقدمين للعمل في التلفزيون، في بداية بث الإرسال، وسأل الوزير الدكتورة لفتيّة عن السب الذي جعلها كطبيبة ، والأولي علي البكالوريا في مصر، تتقدم لوظيفة مساعد مخرج في التلفزيون.. وكان ردها أنها مؤمنة أن الطب الوقائي أنفع للناس من الطب العلاجي، وأنها لو اشتغلت ثلاثين عامًا في عيادتها، لن تستطيع محو الأمية الصحية عن الناس مقارنة بعملها في التلفزيون.
نشأة الدكتورة لفتية في إحدى قرى المحلة الكبرى، كان سببا رئيسيا فى توجهها، فقد كان مشهد مألوف في طفولتها الأطفال والمواطنين، التي تضيع بسبب الجهل والاستهتار الطبي، والاعتماد علي الخرافات والموروث الخاطئ وان لحظات الولادة تحديدًا كانت تعني في قريتها جنازة واحدة علي الأقل للأم أو للطفل أو لكليهما.
وقد قدمت الدكتورة لفتية برامج المجلة الصحية، والإسعافات الأولية، وأسال مجرب، ومع العائلة والصحة بين إيديك خلال عملها خمسة وعشرين عاما في التلفزيون المصري، مؤكدة أن المعرفة التي تحملها أمانة، ولابد من توصيلها للناس وأنها تخشي اليوم الذي تتحول فيه البرامج الطبية إلي تجارة وإعلانات، وكانت تسابق الزمن من أجل إقرار ميثاق شرف إعلامي يتعلق بهذه النوعية من الميديا.
كتبت عنها الكاتبة الصحفية حُسن شاه قائلة: «من النادر أن أشعر انه قد فاتني شئ كثير، عندما تفوتني مشاهدة أحد برامج التلفزيون، ولكن أشعر حقًا بالخسارة، إذا ضاعت مني رؤية برامج الدكتورة لفتيّة السبع.. برامج يخرج منها المشاهد بمعلومات مهمة يجعلها عادة عن أعز ما يملك.. صحته وصحة أولاده وعائلته.
وكرمت الدكتورة لفتية السبع محليا ودوليا، حيث حصلت لفتيّة علي جائزة اليونيسيف للامتياز الإعلامي عن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وكانت لفتية السبع محاربة شرسة فقد حاربت المسئولين بماسبيرو بعد تخطيها في الترقية المستحقة كوكيل للوزارة، الأمر دفعها للجوء للقضاء ، وفي اليوم الذي تسلمت فيه منصبها بعد حكم قضائي، استقالت وخرجت من التلفزيون ولم تعد له مرةً أخري..
كما منحها الرئيس السادات في أواخر السبعينيات، درع التفوق وتفرغت لعملها كطبيبة أمراض نساء وتوليد، ومحاضرة في جولات تثقيفية في المدارس والنوادي والمؤتمرات الطبية العالمية.
وبعد أن توفيت الدكتورة لفتية السبع في أكتوبر ٢٠١٣ ، أغلب شرائط برامجها تم مسحها وسجلت عليها مسرحيات وأغاني وأهداف كرة القدم.

رحم الله الدكتورة لفتيّة السبع.. مثال علي وجود شخصيات في زمان عرفته مصر كان شاغلها خدمة المجتمع مجردة من أي مصلحة أو دافع، وستبقي دكتورة لفتيّة السبع مثالا ايجابيا ودليل على زمن كانت فيه صحة المواطن أهمية وأولوية.. ودليل علي مشاركة الأطباء في رفع الوعي الصحي للمواطنين عبر السنين، ودليل علي اختلاف الأهداف عبر الزمن وقد كان لها رؤية مستقبلية ثقابة فقد تحققت مخاوفها وتحولت وسائل الإعلام والإعلام الصحي إلى سلعة وتجارة وفوضى تهدف لاستغلال المرضى والتربح من أمراضهم، الأمر الذي يدعو إلى حتمية تدخل الدولة لضبط الإعلان الصحي ورفض العبث في هذه البرامج وتدارك ما قد فات.
ودليل علي ضرورة العودة لإنتاج برامج طبية غير هادفة للربح، علي نفقة وزارة الصحة وعلي أهمية تكريم الأطباء العاملين في قطاع الطب الوقائي ودعم هذا القطاع الهام.
.